من عجائب ما حصل في الهجرة النبوية
روى البخاري في الصحيح عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَمَكُثَ بِمَكَّةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً يُوحَى إِلَيْهِ، ثُمَّ أُمِرَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ عَشْرَ سِنِينَ، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ.اهـ
وقد كانت هجرته عليه السلام في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته عليه السلام وذلك في يوم الاثنين كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس أنه قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين وخرج مهاجرا من مكة الى المدينة يوم الاثنين وقدم المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين.اهـ
- سبب هجرته صلى الله عليه وسلم أن قريشًا لما رأت خروج من أسلم إلى المدينة بالذراري والأطفال، خافت خروج المصطفى، وعلمت أنه قد صار للمسلمين منعة وقوة، فاجتمعوا للتشاور في أمره في دار الندوة، وحضرهم إبليس في صورة شيخ نجدي، فأشار كل برأي، وإبليس يرده، إلى أن قال أبو جهل: نأخذ من كل قبيلة من قريش غلامًا بسيف فيضربونه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه في القبائل فلا يمكن بنو عبد مناف حرب الكل فيرضوا بالعقل، فقال النجدي: هذا هو الرأي، فتفرقوا عليه، وأخبر جبريل النبي بذلك، فلم ينم في مضجعه تلك الليلة، واجتمعوا ببابه يرصدونه لينام، فيثبوا عليه، فقال لعلي: "نم على فراشي وتسجَّ ببردي فلن يخلص إليك شيء تكرهه" وأخذ حفنة تراب وخرج عليهم فلم يروه فوضع التراب على رءوسهم وهو يتلو سورة يس إلى قوله تعالى: {فأغشيناهم فهم لا يُبصِرون} [سورة يس] ثم انصرف فأتاهم ءاتٍ فقال: خرج محمد وما منكم إلا مَنْ وضع على رأسه ترابًا، فوضع كل منهم يده على رأسه، فوجد التراب، ثم جعلوا يتطلعون، فيرون عليًا على الفراش متسجيًا ببرد رسول الله، فيقولون: هذا هو نائم على فراشه، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام عليّ من الفراش.
- روى البيهقي في دلائل النبوة: خرج رسول الله ليلا فتبعه أبو بكر، فجعل يمشي مرة أمامه، ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فعلك؟ » قال: يا رسول الله، أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك، لا آمن عليك.
ولما وصلا فم الغار، قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئا، ثم دخل رسول الله، وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاع، فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فألقمه قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تنحدر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: « يا أبا بكر لا تحزن، إن الله معنا ».