يرى هنري كيسنجر أن رياضة تنس الطاولة لعبت دوراً رئيسيا في استعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين في بداية حقبة السبعينيات،وبعدها بأربعين عاما فإن "دبلوماسية الرياضة" لديها مهمة أخرى وهي تقريب المواقفبين إسرائيل وفلسطين، في ظل جمود عملية السلام وتعثر جهود الدبلوماسية التقليدية بسبب سياسة الاستيطان من ناحية وتفاقم انشقاق الصف الفلسطيني من ناحية أخرى.
وساهمت العلاقة الجيدة بين الفريق الأمريكي لتنسالطاولة مع نظيره الصيني خلال المونديال في إرساء قاعدة لتقريب المواقف بينالبلدين، والتي كانت شديدة التباين منذ الحرب العالمية الثانية ومن بعدها مواجهات فيتنام وكمبوديا، وكانكيسينجر حينها يشغل منصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس ريتشاردنيكسون، ويرجع الفضل له في إعادة صياغة تركيبة العلاقات الخارجية الأمريكية منذ ذلك الحين مرورا بالصراع العربي الإسرائيلي.
في حوار مع وكالة الأنباء الألمانية يقول مدير المركز الدولي للأمن الرياضي خلال اجتماعه السنويبالدوحة، محمد حنزب إن "الرياضة هي أكثر الأدوات أهمية لصناعةالسلام".
وأضاف حنزب "كان هذا الأمر هو الذي أدى لولادة حوار بين الولاياتالمتحدة والصين في عام 1972 فيما يعرف باسم (دبلوماسية البينج بونج)"، حيث أبدى اعتقادهبأن الرياضة يمكن أن تتحول لجسر ممتد بين إسرائيل وفلسطين.
وأكمل القيادي القطري"نحن سعداء بأن الأمم المتحدة في النهاية ترى في الرياضة وسيلة لحل الصراع العربي الإسرائيلي محور الصراع في منطقة الشرق الأوسط".وكانت قطر نظمت في 2011 بطولة لتنس الطاولة شكلت خلالها كوريا الشمالية مع نظيرتها الجنوبيةفريقا واحدة، ولكن يبدو أن دبلوماسية الرياضة هذه المرة لم تنجح، لأن حكومة بيونجيانج أعلنت مؤخرا أنها لا تعتبر نفسها ملزمة باحترام وقف إطلاق النار الذي أنهىنظريا الحرب بين البلدين.
على أي حال فإن تنس الطاولة لن تكون الرياضة التي ستقود إلى حل يساعد على تقريب المواقف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث توجد رياضة أخرى يتقاسم الطرفين عشقها وهي كرة القدم.وقال حنزب "كرة القدم تعد بمثابة أداة لحل انعدام الاستقرار الذي تعاني منه شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فمنذ فترة أعلنت قائدة المنتخب الفلسطيني السابقة لكرة القدم هوني تكاجيا إن الكرة هي أفضل من أي طرق أخرى لحل الصراع".
وتتفق هوني تكاجيا، التي قادت المنتخب الفلسطيني لكرة القدم النسائية في الفترة بين عامي 2003 و2009 ،مع رأي المسؤول القطري، ولكنها ترى أنه لا يزال هناك أكثر من الجهد الذي يتعين بذله.وقالت هوني في مؤتمر مع عدد محدود من الصحفيين في الدوحة "أنا أؤمن بالقدرة على التعايش المشترك،لا أؤمن بالأعداء، أنا مسيحية وأؤمن بالإنجيل، ولكن ما يحدث للفلسطينيين أمر فظيع، لا يمكنك تخيله إلا إذا ذهبت وشاهدته بعينيك".
وأضافت اللاعبة الفلسطينية "كرةالقدم وعشقها ساعداني على مواجهة ظروف بلادي، الفلسطينيون يعشقون السلام، ليس لديناسلام في أراضينا، بل في قلوبنا".وترى هوني أن نهاية النزاع ستقترب أكثرحينما "تؤمن إسرائيل بحقوق الإنسان"، حيث تقول "عليهم أن يتعلموا كيفية العيش معالفلسطينيين، مع جيرانهم، نعيش معا، يجب أن نحصل على حق العيش والمساواة، اذا مارغبنا في الذهاب لإسرائيل يتوجب علينا المرور بتفتيش دقيق وفحص مطول ومعقد للجوازات، لا يمكننا الانتظار 12 ساعة لعبور الحدود".
وأضافت القائدة السابقة للمنتخب الفلسطيني"يجب أن تكون السماء هي حدودنا وليس نقاط المراقبة أو الخطوط المرسومة".وفيالنهاية قالت هوني "الرياضة يمكن أن تكون طريقة لحل النزاع، ولكن يجب أن تكون هنالكخطوات سابقة، مثل الحديث عن السلام والعدالة والحصول على نفس الحقوق".
ولايبدو أن الجميع من الطرفين يتفق مع هذه الآراء وخير دليل على هذا هو رفض الفلسطينيين المقترح الذي كان قد تقدم به رئيس برشلونة الإسباني ساندرو روسيل مؤخر أثناء زيارته لإسرائيل لإقامة مباراة بين النادي الكتالوني وفريق مكون من لاعبين إسرائيليين وفلسطينيين لدعم السلام.
وكان رئيس اللجنة الأوليمبية الفلسطينيةرئيس الاتحادالفلسطيني لكرة القدم اللواء جبريل الرجوب قال حينها " إنها فكرة ستحدث زلزالا في المنطقة في حال تنفيذها، الكرة الآن في الملعب الإسرائيلي، فإذاانتهى الاحتلال وأزيلت المستوطنات واقتنع الإسرائيليون بأن لنا كياننا المستقل،واعترفوا بوجودنا، حينها من الممكن أن نتحدث".
هذا فضلا عن بعض المشاهد العنصرية التي حدثت في بعض مباريات الدوري الإسرائيلي ضد إشراك لاعبين من أصولعربية أو مسلمين مع فرق إسرائيلية حيث تعرضوا لإهانات عنصرية من قبل بعض قطاعات الجماهير.