أعددت هذا المقال قبل أن يحرز "عماد متعب" هدفيه الأفريقيين الأخيرين فى مرمى ( توسكر الكينى ) فى ذهاب دور الـ 32 من دورى أبطال أفريقيا ، ولم أتمكن من عرضه قبل اللقاء بسبب ظروف عملى ، لكن كان الغرض من المقال هو التأكيد على أننا فى مصر نعشق القفز مع التيار والسباحة فيه ، حتى لو لم نكن نجيد السباحة أو حتى نسأل أنفسنا ، لماذا نسبح مع هذا التيار ؟
وللأسف فى مصر فقط ،أكون مضطرا للتأكيد على ( أنى لا أدافع عن عماد متعب ، فهو لا ينتظر دفاعى ، ولا أرى أنه كان متوهجا فى الفترة الماضية ، بل لم يكن فى مستواه المعروف عنه بالطبع ، لكنه لم يكن الأسوأ ؟ .. وأؤكد – للأسف مضطر لهذا فى مصر أيضا – أنى لا اعرفه شخصيا ، ولا تربطنى به أى علاقة من قبل ، بل حتى لم أقابله صدفة فى النادى أو خارجه ) .. فقط ، انتهى ما قدمه "متنعب" بالنسبة لى فى الموسم الماضى ( بما له وما عليه ) ولم يكن أبدا موسما جيدا له .. ولكن مع متابعة دقيقة جدا له ولباقى لاعبى الفريق مع انطلاق الموسم الحالى ، كانت كافية لأكتشف خطوة بخطوة أن "متعب" لم يعد مع هدفيه فى مباراة "توسكر" ، بل عاد قبل هذا مع تحسن فى مستواه مباراة تلو الأخرى بإجمالى كل ما قدمه ، وليس للقطة أضاع فيها فرصة ، هاج وماج عليها من يحكم دوما بلا منطق أو تقييم شامل ... عماد متعب لا يزال فى رأيى هو أفضل مهاجمى الأهلى ، وإذا استمر على حماسه وإصراره ، فسيعتلى القمة مرة أخرى ، وهو ليس بعيدا عنها .
فالكل هاجم "عماد" بشراسة منقطعة النظير ، ولم تكن تلك هى البداية ، بل كانت مشاركته فى أولمبياد العام الماضى هى شرارة الانطلاق لدى البعض ، فــ"متعب" رغم تراجع مستواه نهاية الموسم الماضى لأسباب عديدة منها الإصابة وتأثره نفسيا بالضغط المستمر عليه ، حتى من بعض الاهلاوية الذين تاثروا بالحرب الإعلامية الضروس على واحد من أمهر رؤوس الحربة فى مصر عبر سنوات طويلة ، ورغم كل هذا ، لم يكن ( جلاد الحراس ) هو الأسوأ على الإطلاق كما تصور البعض .. فمن هو المهاجم الذى يحرز أهدافا فى كل مباراة وطوال شهور وسنوات وعبر كل المواسم بلا توقف أو تراجع فى المستوى ؟
هل سحقت الصحافة الرياضية الإيطالية رأس "ادينسون كافانى" هداف نابولى ومنتخب أوروجواى ( صاحب الـ 26 عاما ) ، ومتصدر قائمة هدافى الكالشيو منذ الأسابيع الأولى تقريبا فى المسابقة ؟ .. فرغم أن ماكينة الأهداف الأوروجوايانية لم تتوقف عن الدوران منذ أغسطس الماضى ، إلا أنه خاصم الشباك لمدة ( شهرين كاملين على التوالى ) مما تسبب فى اهتزاز فريقه الذى كان قاب قوسين أو أدنى من اللحاق باليوفى ( يوفنتوس ) متصدر الدورى الإيطالى ، وزاد الفارق النقطى بينهما ، والحقيقة أن ابتعاد "كافانى" عن التهديف كان سببا مباشرا فى ذلك .. ومع هذا ، لم تجتمع كل وسائل الإعلام هناك للنيل منه أو الإجهاز عليه ، لأنها تدرك وتفهم وتعى أن ( رأس الحربة ) قد يتوقف لفترة طويلة عن العمل الأساسى له ، وهو إحراز الأهداف .. رغم ما هو معروف عن قسوة الإعلام الإيطالى .
وأين الصحافة الانجليزية ، التى لا ترحم أحدا أبدا ، من توقف الهولندى ( فان بيرسى ) عن التهديف هو الآخر رغم انطلاقته القوية مع "مانشستر يونايتد" وتصدره لقائمة الهدافين لفترة طويلة ، قبل أن يتوقف رصيده عند 19 هدفا حاليا تاركا الساحة لانطلاقة "لويس سواريز" نجم ليفربول الذى تخطاه الآن على القمة برصيد 22 هدفا ؟ .. وتوقف "بيرسى" عن التهديف لمدة شهر كامل ما بين يناير وفبراير الماضى ، وحاليا هو متوقف عن التهديف منذ ما يزيد عن شهر ونصف ، وحدث ولا حرج عن كم الفرص التهديفية التى تضيع منه ، وربما كان أحد أسباب خروج ( مان يونايتد ) من دورى أبطال أوروبا بعدما لم يتمكن من مساعدة الفريق فى هز شباك النادى الملكى "ريال مدريد" الاسبانى فى مواجهة دور الـ 16 .. فهل انتهى وسلم الراية ولم يعد قادرا على العطاء مثلما نسمع فى مصر فى مثل هذه الحالات ؟
وربما يجب علينا أن نعود قليلا إلى الوراء ،، فحسام حسن هو أكبر وأفضل مثال لتلك الحالات ، والتى لا يقوم الإعلام بتفهم حالة وظروف رأس الحربة فى بعض الفترات ، بل يهاجم ويهاجم ويهاجم لكى يجهز على اللاعب وكأنه عدو يجب القضاء عليه قبل ان يستعيد حاسته التهديفية مرة أخرى .. فالعميد السابق وأحد أهم رؤوس الحربة فى تاريخ النادى الأهلى ومنتخب مصر ونادى الزمالك ، صادفه بعض التراجع فى موسم 97/98 لينهال عليه الإعلام وقتها هجوما وتجريحا ، ونال الكابتن الراحل / محمود الجوهرى نصيبه الكبير بسبب ضم "حسام" للمنتخب المصرى قبل بطولة كأس الأمم الأفريقية وقتها ، وتألق "حسن" ونال لقب هداف البطولة وقاد المنتخب إلى اللقب بعد غياب 12 عاما ..